إن
فضائل استماع القرآن الكريم كثيرة، كما أن لتلاوة
القرآن الأجر العظيم، فكن من المحافظين على تلاوته واستماعه، حتى تفوز بالأجر العظيم في الدنيا والآخرة، وتكون من أهل
القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
ومن هذه الفضائل:
1-
استماع القرآن سبب لرحمة الله – سبحانه وتعالى - :
قال الله – عز وجل : {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (204) سورة الأعراف .
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله،
يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم
الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " ([1]). قال
الليث: يُقَال : ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن، لقول
الله جل ذكره: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ
وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (204) سورة الأعراف و ( لعل ) من
الله واجبة.([2]) قال الحسن البصري : إذا جلست إلى القرآن فأنصت له .([3]) وقد
اختلف العلماء في سبب نزول هذه الآية ، وأن الأمر بالاستماع والإنصات في
حق مَنْ ؟ فمنهم مَنْ قال : في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة ،
وآخرون قالوا : في الصلاة والخطبة يوم الجمعة ، وغيرهم قال : الإنصات يوم
الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام من الصلاة وهذا
اختيار ابن جرير الطبري ([4]). والذي يظهر والله أعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وإن كان في الصلاة أشد مطلوباً لمكان القرب والتأثر.
2-
استماع القرآن سبب لتحصيل الأجر العظيم
وكما
عرفنا أن مَنْ قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها،
والله يضاعف لمن يشاء، فإن الأجر لا يتوقف على التلاوة فحسب، بل إن
استماع القرآن الكريم - إذا أخلص الإنسان نيته لله – من الأسباب المعينة على تكثير الحسنات، ومضاعفة الطاعات، ومن أفضل القربات.
قال
أبوهريرة رضى الله عنه: ( مَنْ استمع إلى آية من كتاب الله تعالى كُتب له
حسنة مضاعفة ، ومَنْ تلاها كانت له نوراً يوم القيامة ) ([5]) . 3-
استماع القرآن سبب لهداية الإنسان
لقد أوضح الله سبحانه وتعالى أن
القرآن مصدر الهداية في الدنيا والاخرة، ومن تمسك به تلاوة واستماعاً وعملاً
وتدبراً فلن يضل أو يشقى، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي
لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء.
وإن
استماع القرآن من الأعمال الصالحة التي بشر
القرآن أصحابها بالهداية، ووصفهم بـأنهم أصحاب العقول السليمة الراشدة فقال عز
وجل : { فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ
فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ
وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (17-18) سورة الزمر.
4-
استماع القرآن سبب لتحصيل النور
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( من استمع إلى آية من كتاب الله تعالى كانت له نوراً ) (
[6]).
إن الاستماع إلى
القرآن الكريم يكسب صاحبه نوراً في الدنيا : ينير له الطريق، ويبدد به الظلمات ،
ويكسب به الشبهات، ويقمع به الشهوات، ويقضي به على الضلالات، وكذلك يكسب
صاحبه نوراً في الآخرة: يمشي به على الصراط، وينجو به من المهلكات حتى
يفوز بجنة الله خالق الأرض والسموات، فمن دعاء المؤمنين : {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى
رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ
النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا
نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (8) سورة
التحريم.