كنت عائداً بسيارتي من أمريكا إلى كندا حيث إقامتي ،
وعلى الحدود أعطيت جواز سفري الكندي إلى الموظفة ففتحته وقرأت مكان
الولادة تونس، فقالت: كيف هي تونس بعد الثورة ؟ فقلت بخير .. ونرجو الله أن
تبقى بخير .
- منذ متى وأنت تعيش في كندا؟
- منذ عشرة سنوات
- متى زرت تونس آخر مرة؟
- منذ ثلاثة أعوام
فنظرت إلي وهي تبتسم وسألتني: من تحب أكثر تونس أم كندا؟
فقلت لها: الفرق عندي بين تونس وكندا كالفرق بين الأم والزوجة .. فالزوجة
أختارها .. أرغب بجمالها .. أحبها .. أعشقها .. لكن لا يمكن أن تنسيني أمي
..
الأم لا أختارها ولكني أجد نفسي ملكها .. لا أرتاح الا في أحضانها
.. ولا أبكي إلا على صدرها .. وأرجو من الله ألا أموت إلا على ترابٍ تحت
قدميها .
فأغلقت جواز السفر ونظرت إلي باستغراب وقالت: نسمعُ عن
بعض المشاكل في بلدكم ,,, فلماذا تحب تونس وانت تعيش هنا في كندا ولك دخل
محترم وجنسية كندية ايضا ؟
قلت: تقصدين لماذا احب أمي؟
فابتسمت وقالت: لتكن أمك ..
فقلت: قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة الطبيب ، لكن حنان أحضانها وهي تضمني ولهفة قلبها حين أكون بين يديها تشفيني .
قالت: صف لي تونس ؟
فقلت: هي ليست بالشقراء الجميلة ، لكنك ترتاحين اذا رأيت وجهها .. ليست
بذات العيون الزرقاء ، لكنك تشعرين بالطمأنينة اذا نظرت اليها .. ثيابها
بسيطة ، لكنها تحمل في ثناياها الطيبة والرحمة .. لا تتزين بالذهب والفضة ،
لكن في عنقها عقداً من سنابل القمح ممزوج بحبات الزيتون ودقلة النور تطعم
به كل جائع .. سرقها اللصوص ولكنها ما زالت تبتسم ..!!
أعادت إلي جواز السفر وقالت: أرى خريطة تونس على التلفاز او الانترنيت ولكني لا أرى ما وصفت لي ..!!
فقلت لها: أنت رأيت تونس التي على الخريطة ، أما أنا فأتحدث عن تونس التي تقع في أحشاء قلبي