السلام عليكم
دراسة تؤكد أن العلاقات الاجتماعية والاهتمام بكبار السن تقيهم من الأمراض وتزيد مناعتهم وتساعدهم على الحياة السعيدة....
معجزات القرآن لا تقتصر على الجانب العلمي أو اللغوي أو العددي... لأننا
لو تدبرنا القرآن لرأينا في كل آية معجزة حقيقية، وهذا ما شغل تفكيري
لسنوات عندما كنتُ أتأمل قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا
إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ
لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23-24].
وكنتُ أتساءل: لو كان القرآن كلام محمد صلى الله عليه وسلم، فلماذا يخوض في
مثل هذه المسائل؟ ولماذا يوصي بالأبوين إلى هذا الحدّ؟ ولماذا لم يأمر
الشباب بالتمرد على الأبوين والتمرّد على الأفكار القديمة كما نشاهد في
الغرب، حتى أصبحت دور العجزة ممتلئة بالآباء وكبار السنّ؟
ولذلك
فقد بدأ العلماء حديثاً يدركون أهمية العناية بالوالدين حيث يساعدهم ذلك
على الوقاية من الأمراض ويرفع النظام المناعي لهم. فالصداقة هي "إكسير
الشباب الحقيقي" لكبار السن كما يعبر عن ذلك أحد العلماء، والنشاط
الاجتماعي يحفظ سلامة أعصاب الدماغ حسب ما جاء في دراسة حديثة.
فقد أكدت دراسة حديثة أن نجاح كبار السن في تنويع صداقاتهم وإبقاء علاقاتهم
الاجتماعية يمكن أن يساعدهم على الإحساس بأنهم أصغر من أعمارهم الحقيقية،
كما تسمح لهم بالاحتفاظ بحيويتهم وقدرتهم على الحركة بنشاط.
ماذا عن الإسلام؟
تأملوا يا أحبتي ما يقوله
العلماء حول أهمية العلاقات الاجتماعية لكبار السن، لأنهم فقدوا الروابط
الأسرية وليس لديهم أي تعاليم تأمرهم بالعناية بالأبوين. ولكن الإسلام لم
يغفل عن ذلك، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاعتناء بالأبوين،
وحتى بعد موت الأبوين أمرنا أن نبرَّ أصدقاءهما!!!
أما
القرآن فقد اعتبر برّ الوالدين من أعظم الأعمال بعد عبادة الله، وانظروا
معي إلى هذه الآية العظيمة الشاملة: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا
بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ
الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)
[النساء: 36]. إنها تمثل قمة الاهتمام بالأبوين والأقرباء واليتيم والفقير
والجيران وحتى العبيد والخدم!
ولذلك يمكن القول إن ما يكشفه
العلماء حديثاً يمثل دليلاً ملموساً على أن الإسلام قد سبقهم إليه، وهذا
يدل على أنه تشريع إلهي، وأنه دين الرحمة والسلام والمحبة، وليس دين التخلف
كما يدَّعون! يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ
مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل