عندما نتحدث عن
جهاد النفس والهوى لابد ان نتعرض لمعنى كلمة الجهاد بشكل عام لغة ً واصطلاحا ً
الجهاد في اللغة
مصدر جاهد, وهو من الجهد - بفتح الجيم وضمها - أي الطاقة والمشقة, وقيل :
الجهد - بفتح الجيم - هو المشقة , وبالضم الطاقة، وهو بذل الوسع فِي الأمر.
واصطلاحًا :
قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد بعد دعوته للإسلام وإبائه, إعلاء لكلمة الله،
ويكون ببذل الوسع فِي القتال فِي سبيل الله مباشرة، أو معاونة بِمال، أو
رأي، أو تكثير سواد أو غير ذَلِكَ".
أما
جهاد النفس أو الهوى فهو :
الهوى ميل
النفس إلى ما يلائمها أما
جهاد النفس فهو :- "مقاومة السيئات، ووساوس الشيطان، وأن تمنع نفسك عن أهوائها،
وشهواتها، مع الابتعاد عن كل ‘‘محرّم‘‘.
لما كانت
النفس البشرية مجبولة على حب الشهوات والملذات كان من أكثر الأمور صعوبة ًوأكثرها مشقة ثني
النفس عن سلوك الطريق غير القويم الحفوف بكل مايزيغ النظر ويرضي
النفس وشهواتها ومن أعوان
النفس الذي يعينها عن اجتناب طريق الحق الشيطان الذي يزين المعاصي ويحببها للنفس
ويزين سلوك طريق المعصية وينسي الانسان طاعة ربه ويستسيغ المعصية وللأسف
عندما يصحو مما هو فيه يجد أنه قد أضاع الكثير وأصبح من الصعب العودة لسلوك
الطريق القويم
ولذلك كان لزاماً على الانسان أن يحارب نفسه الأمارة بالسوء ويكبح جماحها بكل ماأوتي من قوة وعلى مدار عمره لأن
النفس اذا تهاون الانسان معها أو تركها أرجعته الى طريق الظلال والمعصية وغضب الله الذي يخسر معه دنياه وآخرته ماعاذ الله
ولكي يحارب الانسان نفسه كان لابد أن يعلم خفاياها وان لايترك لها المجال لتدله على طريق المعصية بأن يشغلها باستمرار بالطاعات
قال تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) [التغابن: 16
وقال تعالى :: ((قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها)) [الشمس: 9-10] وفي هذه الآية إشارة صريحة بأن الانسان لايمكن ان تستقيم حياته الا اذا زكى نفسه بفعل الطاعات
وقد ذكر الله تعالى في القرءان في كثير من الآيات الطاعات التي تعين على تزكية
النفس حيث قال تعالى :: ((قد أفلح المؤمنون، الذين هو في صلاتهم خاشعون))
حيث كانت الصلاة احدى الطاعات المهمة والمؤثرة في حياة الانسان والتي تعينه على محاربة نفسه وأهواءها
ومن هنا كان واجباً على الانسان التفقه في الدين وأن يشغل وقته بعمل يقربه
اللى الله ويكسب رضا الله وثوابه فالانسان هو الذي يختار شكل حياته فهو اما يقضي حياته في المعاصي واتباع الشهوات والملذات ويكسب رضا الشيطان ويخسر رضى الله ويستحق عقابه وإما يقضي عمره بالطاعات ومحاربة الشر وأعوان الشيطان وبهذا يكسب رضا الله ومغفرته وعفوه وجنة ٍ عرضها السماوات ِ والأرض
:قال تعالى: ((والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)) [العصر]
وقال
تعالى: (( والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى، وما خلق الذكر والأنثى، إن
سعيكم لشتى. فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. وأما من
بخل واستغنى وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى)) [الليل: 1-10]
وقال تعالى: ((والشمس وضحاها. والقمر إذا تلاها. والنهار ‘ذا جلاها. والليل
إذا يغشاها. والسماء وما بناها. والأرض وما طحاها. ونفس وما سواها. قد
أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها.)) [الشمس: 1-10]
وهن يذكر الله تعالى ان الحكمة من وجود الليل والنهار متعاقبين ترك الفرصة ِ
لمسيءالنهار لكي يستغفر الله على مابدر منه في النهار وليستغل الليل للذكر
والاستغفار وطاعة ِ الله وبذلك يكسب رضا الله
قال
تعالى: ((والذين كفروا لهم نار جهنم، لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف
عنهم من عذابها، كذلك نجزي كل كفور. وهم يصطرخون فيها، ربنا أخرجنا نعمل
صالحا غير الذي كنا نعمل، أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير.
فذوقوا فما للظالمين من نصير.)) [فاطر: 36،37]
وهنا تذكير من الله للكافرين الذين أعطاهم الله الكثير من الوقت كي يتوبوا
ويستغفروا ويرجعوا عن طريق المعصية ولكنهم أبوا الا ان يظلوا في ذلك الطريق
وكان جزاؤهم نار جهنم خالدين فيها
وفي الحديث: { الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع
نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني } رواه الإمام أحمد ومعنى: { دان نفسه
}: حاسبها
وعن عمر بن الخطاب رضى الله
عنه قال: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا،
فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم. وتزينوا للعرض
الأكبر
وقال ابن الجوزي في كتاب ذم الهوى: اعلم انه إنما كان
جهاد النفس أكبر من
جهاد الأعداء لأن
النفس محبوبة وما تدعو إليه محبوب لأنها لا تدعو إلا إلى ما تشتهي وموافقة المحبوب في المكروه محبوبة فكيف إذا دعا إلى محبوب
فإذ عكست الحال وخولف المحبوب فيما يدعو إليه من المحبوب اشتد الجهاد وصعب الأمر بخلاف
جهاد الكفار فإن الطباع تحمل على خصومة الأعداء
ويقول : الإمام ابن القيم رحمه الله: (
جهاد النفس أربع مراتب:
أحدها: أن تجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في
معاشها ومعادها إلا به. ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.
الثانية: أن تجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.
الثالثة: أن تجاهدها إلى الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه. وإلا كان من
الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه، ولا ينجيه
من عذاب الله.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق، ويتحمل ذلك كله لله ) انتهى كلامه رحمه الله.
فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين..
ومن الاعمال المعينة على
جهاد النفس
الصيام
الصدقه
التقشف
قيام الليل
في
نهاية موضوعي يجب أن يظل الانسان محاسباً لنفسه دائماً وعليه أن يذكرها
دائماً بماينتظرها عند الله سواء أطاعت الله وكسبت جنته ورضاه أم أغضبت
الله وكسبت سخطه وغضبه وناره ويجب ان يعلم الانسان أن صبر الله على معصيته
انما ليترك له المجال ليتوب ويستغفر